تنطلق خلال ساعات قليلة فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي، التي تُقام في الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر الجاري، تحت شعار «سينما من أجل الإنسانية». ويواصل المهرجان من خلال هذه الدورة أداء رسالته الثقافية والفنية، المتمثلة في تعزيز الحوار الإنساني عبر لغة السينما، ودعم القضايا الاجتماعية التي تُشكّل جوهر هويته منذ انطلاقه.
وتشهد الدورة الجديدة مشاركة أكثر من 70 فيلمًا من مختلف أنحاء العالم، تتنوع بين الروائي الطويل والوثائقي والقصير، بما يعكس ثراء المشهد السينمائي الدولي وتعدد أصواته.
فيلم الافتتاح: «عيد ميلاد سعيد»
اختير الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» للمخرجة سارة جوهر ليكون فيلم الافتتاح لهذه الدورة. تدور أحداث الفيلم حول الطفلة «توحة» التي تعمل في منزل أسرة ثرية، وتنشأ بينها وبين ابنة العائلة علاقة إنسانية عميقة. وبينما تسعى الطفلة لتحضير احتفال مميز لعيد ميلاد صديقتها الصغيرة، تخفي في داخلها أمنية بأن تختبر هي الأخرى طعم الفرح الذي لم تعرفه يومًا.
الفيلم من بطولة نيللي كريم وحنان مطاوع والطفلة ضحى رمضان، ومن تأليف سارة جوهر ومحمد دياب، الذي شارك أيضًا في الإنتاج إلى جانب أحمد الدسوقي وأحمد عباس وأحمد بدوي وداتاري ترنر والممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.
ويأتي هذا الاختيار بعد النجاح الكبير الذي حققه الفيلم في عرضه العالمي الأول خلال مهرجان تريبيكا السينمائي 2025، حيث حصد ثلاث جوائز كبرى هي: أفضل فيلم روائي دولي، وأفضل سيناريو دولي، وجائزة نورا إيفرون لأفضل مخرجة.
مهرجان الجونة السينمائي المكرّمون وضيوف الشرف
تكشف ok Arabia عن استضافة الدورة الثامنة النجمة العالمية كيت بلانشيت كضيفة شرف، حيث يمنحها المهرجان جائزة «بطلة الإنسانية» تكريمًا لمواقفها الإنسانية وإسهاماتها الفنية والتزامها بالدفاع عن قضايا اللاجئين، في انسجام تام مع شعار المهرجان.
كما يُكرَّم هذا العام أيضًا النجمة المصرية منة شلبي بمنحها جائزة الإنجاز الإبداعي تقديرًا لمسيرتها الفنية الحافلة بالأدوار المميزة التي أثرت السينما العربية وتركَت بصمة لا تُمحى في ذاكرة الجمهور.
جلسات حوارية وورش عمل
تتضمن الدورة الجديدة باقة واسعة من الندوات والجلسات الحوارية والورش التدريبية التي تستضيف رموز الفن وصُنّاع السينما من مختلف دول العالم.
وتُقام جلسة حوارية مع منة شلبي يوم 17 أكتوبر في الواحدة والنصف ظهرًا، يديرها المخرج كريم الشناوي، لتتحدث فيها عن مسيرتها وتجاربها الجريئة في اختيار الأدوار الصعبة.
أما كيت بلانشيت، فستكون على موعد مع الجمهور في حوار خاص تديره الإعلامية ريا أبي راشد يوم 19 أكتوبر في تمام الحادية عشرة صباحًا، لتناقش رؤيتها للفن ودوره الإنساني في التغيير المجتمعي.
وفي اليومين 18 و19 أكتوبر، تُقام ورشة «الفيلم القصير لصُنّاع المستقبل» بالتعاون مع مؤسستي «يونيك» و**«سرد – مريم نعوم»، بمشاركة الكتّاب أحمد بدوي وأحمد عبد الوارث**، وتهدف إلى تدريب الجيل الجديد من المبدعين على تقنيات كتابة الفيلم القصير وصناعته.
كما يشهد مهرجان الجونة السينمائي ورشة حصرية بعنوان «إيڤر آفتر: حكاية ما بعد النهاية» بالتعاون مع نتفليكس، تستمر من 18 إلى 20 أكتوبر، ويُحاضر فيها الكاتب والمنتج ليونارد ديك الحاصل على جائزة «إيمي». وتتناول الورشة طرق تطوير الدراما التلفزيونية عبر قصة خيالية جديدة تُعيد تصور ما يحدث بعد نهاية الحكايات التقليدية.
ويُنظّم المهرجان أيضًا حلقة نقاش بعنوان «ليس روائي طويل» يوم 20 أكتوبر، تناقش التحديات التي تواجه صُنّاع الوثائقيات والأفلام القصيرة والأنيميشن، بمشاركة عدد من الخبراء الدوليين.
كما يُقام في اليوم نفسه حوار خاص مع المخرج شريف عرفة حول مسيرته الطويلة ورؤيته لمستقبل السينما المصرية والعربية، يعقبه في 21 أكتوبر ورشة «حكاية في لقطة: فن بوسترات الأفلام» يقدمها المصوّر أحمد هيمن بالتعاون مع FujiFilm.
ويشهد المهرجان هذا العام تعاونًا مميزًا مع جمعية مديري الكاستينج بأمريكا ونقابة مديري الكاستينج في بريطانيا، من خلال سلسلة من الورش المتخصصة التي تُبرز أهمية الكاستينج في الصناعة السينمائية الحديثة.
وفي 22 أكتوبر، يُقام لقاء خاص مع النجم التركي كان أورغنجي أوغلو الذي سيحاوره الإعلامي شريف نور الدين حول مسيرته وتجاربه الفنية في الدراما التركية.
المسابقات الرسمية
الأفلام الروائية الطويلة
تضم المسابقة 13 فيلمًا روائيًا طويلًا تمثل مدارس سينمائية متعددة من أوروبا وأمريكا وآسيا والعالم العربي، بينها أعمال نالت جوائز من كبرى المهرجانات مثل كان وفينيسيا وبرلين.
ومن أبرزها:
- «من أجل آدم» (بلجيكا – فرنسا) للمخرجة لورا وانديل.
- «أب، أم، أخت، أخ» (الولايات المتحدة) إخراج جيم جارموش.
- «لو المحظوظ» للمخرج تشوي لويد لي.
- «أسنان لبنية» إنتاج مشترك من رومانيا وفرنسا والدنمارك.
- «كولونيا» (مصر) إخراج محمد صيام وبطولة أحمد مالك وكامل الباشا.
- «نينو» (فرنسا) إخراج بولين لوكيه.
- «بريق الجبال البعيدة» (اليابان – بريطانيا) إخراج كي إيشيكاوا.
- «شاعر» (كولومبيا – ألمانيا – السويد).
- «الحج» للمخرجة كارلا سيمون.
- «المستعمرة» للمخرج محمد رشاد.
- «المحاصر» (الهند).
- «مدعيان عامّان» (أوكرانيا).
- «وين ياخدنا الريح» (تونس) للمخرجة آمال القلاتي.
وتُمنح لهذه الفئة ست جوائز رئيسية، من بينها نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم (50 ألف دولار)، ونجمة الجونة لأفضل فيلم عربي.
الأفلام الوثائقية الطويلة
تتنافس 12 تجربة سينمائية في هذه الفئة، تمزج بين الرؤى الفنية الجريئة والأساليب التسجيلية المتنوعة، من مصر ولبنان وروسيا وأوروبا وآسيا.
ومن بين الأفلام المشاركة:
«50 متر» ليُمنى خطاب، «دائمًا» لديمينغ تشين، «تحت الغيوم» لجيانفرانكو روسي، «الحياة بعد سهام» لنمير عبد المسيح، «أورويل: 2+2=5» لراؤول بيك، «حكايات الأرض الجريحة» لعباس فاضل، و**«المراقبين»** لكريمة سعيدي.
وتُمنح أربعة جوائز، أبرزها نجمة الجونة الذهبية للفيلم الوثائقي (30 ألف دولار)، إلى جانب جوائز الفضة والبرونز وأفضل فيلم وثائقي عربي.
«سيني جونة» وبرامج المواهب
يواصل برنامج في مهرجان الجونة السينمائي «سيني جونة» هذا العام نشاطه الحيوي بدعم مشاريع الأفلام العربية الجديدة، حيث تلقّى أكثر من 290 طلبًا، واختير 20 مشروعًا للمشاركة في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج.
أما برنامج «Emerge» للمواهب الناشئة في نسخته الثالثة، فيستضيف 120 مشاركًا من بين ألف طلب، ليتلقوا تدريبات عملية في مجالات الإخراج والإنتاج والتمثيل والتأليف الموسيقي والمؤثرات البصرية.
ويشهد سوق سيني جونة توسعًا غير مسبوق بمشاركة عارضين من السعودية والإمارات والعراق والهند والصين وغيرها، إلى جانب فعاليات خاصة تبرز صناعة السينما في دولة محورية، وأركان تقنية لعرض أحدث تقنيات التصوير السينمائي بالتعاون مع شركات عالمية.
يوسف شاهين ويسرا.. احتفاء برمزين من رموز السينما العربية
يُخصص المهرجان هذا العام احتفالية خاصة بمئوية ميلاد المخرج الكبير يوسف شاهين (1926–2026)، بوصفه «الأب الروحي لموجات السينما العربية الجديدة»، من خلال معرض فني تفاعلي من تنسيق شيرين فرغل، يُقدَّم بتصميم مستوحى من أجواء فيلمه الشهير «باب الحديد».
كما يحتفي المهرجان بالفنانة الكبيرة يسرا عبر معرض بعنوان «مسيرة 50 عامًا» يُقام من 17 إلى 24 أكتوبر، يستعرض مشوارها الحافل منذ بداياتها وحتى اليوم، باعتبارها أيقونة فنية شكّلت ذاكرة أجيال متعاقبة.
